لفت رئيس حزب "​القوات اللبنانية​" ​سمير جعجع​ إلى ان "البعض كان يعتقد أنّ أيلول الشهداء هو أيلول شهداء "القوات" وحدهم وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميّل، لكن أحداث الأيام الماضية أثبتت أنّ أيلول الشهداء هو أيلول شهداء كل لبنان من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب مروراً ب​البقاع​ وجبل لبنان وبيروت".

وفي كلمة له خلال قداس شهداء "المقاومة اللبنانية" في ​معراب​، توجه جعجع لأهالي "​شهداء المقاومة​ اللبنانية" بالقول "أولادكم قاموا بكل واجباتهم على أفضل ما يكون، ولا إستشهاد أشرف من هذا الإستشهاد، لكن للأسف البعض لم يتركنا نتهنّى حتّى بالإستشهاد"، مؤكداً أنه "من فجر الأشرفيّة و​عين الرمانة​ وزحلة وقنات الى "​فجر الجرود​"، فجر ​القاع​ و​رأس بعلبك​، مقاومةٌ واحدة، لدواعش متعدّدة بأسماء مختلفة وأزمنةٍ متفاوتة، لكنّ النصر واحدٌ أحدٌ دائماً أبداً للبنان".

وأشار إلى انه "عندما بدأنا المقاومة كانُوا أُلوفاً مُؤلّفة، وكُنّا بضع مئاتٍ، ومع ذلك انتصرنا، أمّا اليوم فنحن لبنان والعالم بأسره معنا، فانتصاراتنا حتميّة وستكون أضعافاً مضاعفة، قاومنا بقلّةٍ من السّلاح والذخائر إرهابيي الأرض وغُزاة تلك المرحلة يوم كان ​الجيش​ مُغيّباً مشلولاً، واليوم، وبعدما عاد الجيش ليستعيد دوره بامتياز، بتنا نقاتل بالقوة السياسية والكلمة والموقف والإرادة، وإذا اقتضى الأمر العودة، عُدنا".

وأكد أنه "لا دواعش الـ75 أخافتنا ولا دواعش الجُرود وما بعد الجُرود تُخيفُنا ومن عنده يوحنا مارون، وآلاف الشهداء ذخائر لقضيته، لا تقوى عليه دواعش الأرض كلّها، فمصيرهم على أيدي جيشنا البطل جهنم وبئسَ المصير"، مشيراً إلى أن "رفاقي الشهداء، أنتم فخر المسيرة التي وصلنا بها إلى قمم البطولة والإيمان والعنفوان، وأوصلتمونا معكم إلى عز عطاءاتنا وإنجازاتنا وانتصاراتنا ولا نعرف كيف نفيكم حقكم في عصر الخفة والاستهتار في مقابرة القضايا المصيرية الكبرى".

وتوجه لـ"شهداء المقومة اللبنانية" بالقول "رفاقي الشهداء، إن الأفكار والتساؤلات التي تتجاذب رفاقكم، هي نفسها التي تتجاذبكم في عليائكم، فمنكم من يتساءل عن جدوى تضحياته ودموع أمهاته عندما يرى هذا الكمّ الهائل من المرتزقة والوصوليين الذين صنعوا أمجادهم الباطلة على حساب دمائكم الطاهرة ومنكم من يرى أن القضية المقدسة التي اعتنقها شعبنا قبل عشرات القرون تتقاذفها أمواج سياسية غير واضحة، فيما القضية الوطنية عرضة للطعنات المتتالية من الأقربين والأبعدين، رفاقي الشهداء، إن أسئلتكم محقة في هذا الزمن الرديء، لكن ثقوا ولا تخافوا"، مشيراً إلى "أننا نحن هنا، أنتم هنا، والمسيرة التي نمشيها أنتم من يقودها وأنتم من يسيّرها وأنتم من ينير دربها، فلا خوف على القضيّة، لا خوف على لبنان".

وأكد جعجع أن "لا المعادلات السياسية تنسينا واجبنا الوطني والأخلاقي تجاهكم، ولا الظروف تعطينا أحكاماً مخفّفة تجاه أي خطوة مستقبليّة"، متوجهاً بالتجية لـ"وزراء ونواب "القوات اللبنانية" لأنكم أظهرتم، وبما لا يقبل الشك والتشكيك، الوجه الحقيقي لحزب "القوات" الذي لطالما عملت قوى الظّلام على طمسه وتشويهه".

ولفت جعجع إلى أنه "قيل الكثير الكثير في تفاهم معراب ، ولكن ما سيحفظه التاريخ عنه هو أنه كان نقطة تحوّل أساسية غيّرت المناخات نحو الأفضل بشكل لم يسبق له مثيل داخل المجتمع الواحد، وفي كل مدينة وقرية وحيّ، وحتى داخل البيت الواحد في بعض الأحيان"، معتبراً أن "هذا التفاهم قلب المُعادلات وأدّى في ما أدّى إليه، وبعد سنوات عجاف عجاف من الفراغ، إلى انتخاب رئيس ذي صفة تمثيلية حقيقية إلى سدة الرئاسة الأولى، وإلى قانون انتخاب جديد لم يكن ليُبصر النور لولا تفاهم معراب ووجود رئيس مصمم في قصر بعبدا".

وأكد أنه "يخطئ من يعتقد أن تفاهم معراب كان تفاهماً على رئاسة الجمهورية فحسب وسينتهي مفعوله مع انتخابات الرئاسة، أو عند مواجهة أوّل عقبة"، مشيراً إلى أن "التفاهم بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" هو ضرورة خصوصاً للشراكة المسيحية - الإسلامية الحقة لا يمكن لأحد التنكر لها لأنه يؤثر في مستقبل لبنان بأسره ".

وشدد على أن "التفاهم بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" وُجد ليبقى وسيبقى"، متوجهاً للبنانيين بالقول "عوض أن يعطي تحرير الجرود من الإرهابيين الدولةَ اللبنانية قوةَ دفعٍ كبيرة باتجاه بسط سيادتها وسيطرتها على كامل ترابها الوطني مستفيدة من الزخم الشعبي والمعنوي والعربي والدولي، وعوض أن تُسلّم جميع الجهات اللبنانية بالكفاية العالية للجيش اللبناني وبقدرته في الدفاع عن لبنان".

وأضاف "نجدُ بعض الأطراف مُنزعجاً من الانتصار الكامل الذي أوشك الجيش على تحقيقه، مُحاولاً حرمانه وحرمان اللُّبنانيين من جني ثمرة هذا النّصر، معنوياً أولاً وبالمحاسبة القضائية ثانياً"، مشيراً إلى أنه "ها هو "حزب الله" مدعوماً من النظام السوري، وقبل ساعات من إطباق الجيش اللبناني على ما تبقى من مسلحي "داعش" المحاصَرين في مُربعهم الأخير، يتولّى مفاوضة هؤلاء بعدها سهّل خروج الإرهابيين".

وتابع "كأن لا أسرى لنا قتلوا، ولا شهداء وجرحى من الجيش اللبناني والمدنيين سقطوا، وكأن لا تفجيرات وقعت في القاع، أو في الضاحية الجنوبية ورأس بعلبك والبقاع، وكأن لا لبنانيين ينتظرون اعتقال هؤلاء القتلة الإرهابيين وسوقهم إلى العدالة"، مشيراً إلى أن "الأدهى من ذلك كله محاولة إقناع اللبنانيين بأن كل هذه الصفقة كانت للكشف عن مصير العسكريين المفقودين، بينما يعرف القاصي والدّاني معرفة اليقين أنّ العسكريين المفقودين، أحياء كانوا أم شهداء، كانوا مع مسلّحي "داعش" المحاصَرين وكان الجيش اللبناني سيستعيدهم بكافة الأحوال بالإطباق على "داعش".

وأفاد جعجع أنه "يكفي للواقع تحويراً، يكفي للحقيقة تزويراً، إن نسيتُم لن ننسى. لذلك نحن مع كل تحقيق يجري من دون إغفال الفصل الأخير والأهم: مَن عمل على تهريب "داعش" وتخليصها من قبضة العدالة؟"، متوجهاً للبنانيين بالقول "يعيش لبنان أزمة جوهرية وبالعمق على مستوى وجود الدولة والكيان بحكم ازدواجية السلاح ومصادرة القرار الاستراتيجي، قرار السّلم والحرب من قبل حزب من الأحزاب اللبنانيّة مع ما يعنيه ذلك من تشويه لصورة الدّولة اللُّبنانيّة وضرب لصدقيتها بالإضافة إلى ضرب الميثاق الوطني وأُسس التعايش التي قام على أساسها لبنان من خلال ازدواجيّة المعايير بين اللبنانيين وعدم عيشهم تحت سقف قانونٍ واحد".

واعتبر أن "ما جرى مؤخّراً في معارك فجر الجرود خير دليل على ذلك، إذ فاوض "حزب الله" على معارك خاضها الجيش اللبناني ومن ثم حاول مصادرة ثمار ما أنجزه الجيش"، مشيراً إلى أنه "أظهرت معارك فجرالجرود أن للبنان جيشاً جدياً قويًّا يلتفّ اللبنانيّون، جميع اللبنانيين، حوله، ويستحوذ على اهتمام أصدقاء لبنان كافةً، عرباً وأجانب".

وسأل "لماذا نُبقي هكذا مؤسسة شرعية تحت المكيال ويُترك المجال واسعاً أمام حزبٍ يتجاوزُ الشرعيّة وترفضه أكثريّة اللبنانيين انطلاقاً من سلاحه غير الشرعي ومُصادرته للقرار الاستراتيجيّ وارتباطاته الخارجيّة؟"، مشيراً إلى أن "هذا الحزب يستعدي الأكثرية الساحقة من أصدقاء لبنان في الشرق والغرب انطلاقاً من سياساته، ويستمطر على لبنان العقوبات والويلات من كلّ حدب وصوب ما ينعكس على اللبنانيين حصاراً، فقراً، تعتيراً وتخلُّفاً".

وأكد جعجع أنه "آن الأوان لكي يتم وضع حد لهذه الازدواجيّة. إنّ سياج لبنان الوحيد هو الجيش اللبناني. وكما رفع هذا الجيش راية لبنان فوق تلال القاع وراس بعلبك لا بد من أن يرفعها فوق كل التلال التي ترسم حدود لبنان، من شاطئ العريضة في الشمال إلى وادي خالد. ومن وادي خالد إلى جرود عرسال والمصنع ومن المصنع الى راشيا، فجبل حرمون وشبعا وكفرشوبا. ومن القليعة الى رميش فعلما الشعب والناقورة ومن الناقورة إلى حدود نفط لبنان ومياهه الإقليميّة".

وأشار إلى "اننا لن نسكُت عن الباطل ولو اعتقد هذا الباطل أن الأمر الواقع ومرور الزمن ورضوخ البعض يكسبه بعض المشروعية، فالباطلُ يبقى باطلاً ولو تبّنته عشرات الأُلوف، والحق يبقى حقاً ولو نادى به شخص واحد، فكيف إذا نادت به أُمّة برمّتها وإذا اعتقد البعض أنّ مشروعه قد انتصر في لبنان وسوريا وقُضي الأمر، فقد فاته أنّ مشروعه السياسي سبق له منذ العام 1990 أن كان سائداً ومهيمناً على لبنان وسوريا، ومع ذلك دحَره اللبنانيون في 14 آذار 2005 وسندحره هذه المرة أيضاً ولو بعد حين".

وأشار إلى أن "الأزمة السورية بلغت بعد سبع سنوات على اندلاع الثورة، حداً لا يوصف من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان كما الدمار والخراب والمآسي التي لحقت بالسوريين، أضف إلى ذلك تداخل مجموعة عوامل ومصالح إقليمية ودولية باتت ترخي بثقلها على الجغرافية السورية، لجهة التنازع على مناطق السيطرة والنفوذ بين دول عدّة، أمام هذا الواقع الدّموي والمعقّد والمتشابك يبقى الشعب السوري الضحية الأولى وهو لم يقترف أيّ ذنب سوى توقه للحرية والديمقراطية والتغيير، على غرار معظم شعوب العالم الحر".

ولفت إلى أن "أيّ حل سياسي في سوريا لن يُكتب له النجاح إلا إذا أخذ بعين الاعتبار مصالح الشعب السوري ومطالبه المحقّة والتي على أساسها أطلق هذا الشعب ثورته في 15 آذار 2011"، معتبراً أن "هذه المطالب تتلخص بانتقال سياسي كامل وشامل للسلطة تبعاً لمقرّرات مُؤتمرَي جنيف 1 و 2، وكل ما عدا ذلك ليس سوى إطالة لأمد الأزمة ولعذابات السوريين، وتهديد مستمر لاستقرار المنطقة".

وأضاف جعجع "صحيح أن ضرب "داعش" و"النصرة" في سوريا هو خطوة جيّدة على طريق الحل، لكن الوصول إلى حل جذري يكمن في التخلص من "داعش" و"النصرة" والتخلص بالتوازي من مسببات "داعش" و"النصرة"، أي النظام السوري والذي لا يقل داعشية عن "داعش" بالذات"، مشيراً إلى أنه "يحاول البعض من جديد الضغط لإقامة علاقات سياسية مستجدة بين الحكومة اللبنانية ونظام بشار الأسد، وبحجج مختلفة، إعادة النازحين، التنسيق في معركة الجرود، إنجاز اتفاقات زراعية وتسهيل مرور الشاحنات اللبنانية، ولكن قبل أن يحاول هذا البعض إنجاز الاتفاقيات على أنواعها، أو إعادة النازحين، فليعيدوا لنا أسرانا ومفقودينا في السجون السورية وفي طليعتهم بطرس خوند".

ودعا إلى "إلغاء معاهدة الأُخوة والتعاون والتنسيق التي كانت قد أُقرت، بقوة القهر، في ظل الاحتلال السوري للبنان، وليلغَ المجلس الأعلى اللبناني- السوري، لأنّه غير دستوري، وليسلم المحكومون قضائياً في قضية تفجير مسجدي التقوى والسلام وعلى رأسهم علي المملوك، ولتُرسَم الحدود مع سوريا وليعترف بلبنانية مزارع شبعا، وبعدها لكل حادث حديث"، مشيراً إلى أن "النظام السوري بالنسبة إلى شريحة واسعة من اللبنانيين والعرب والسوريين وبالنسبة لمعظم الدول ولمنظمات حقوق الإنسان هو فاقد للشرعيّة وللمشروعية، وهو نظام سجون وقبور على مدى عقود وعقود".

وتابع "هذا النظام أثخن اللبنانيين بالجراحات والذكريات المؤلمة من قصف وتدمير وانتهاك كرامات وخطف آلافاً من اللبنانيين من الطوائف المختلفة، وتصفية واغتيالات وتفجيرات وسرقة مقدّرات الدولة"، موضحاً أن "آخر حبات العنقود كانت شبكة الأسد - مملوك - سماحة، وتفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس"، متسائلا "كيف يريدون للحكومة اللبنانية التي يفترض بها التعبير عن الشعب اللبناني، أن تقفز فوق كل تلك الاعتبارات، وأن تقفز أيضاً وأيضاً فوق الاعتبارات العربية والدولية، لتُقيم علاقات مع نظام مرفوض من كل تلك المرجعيات؟".

وسأل جعجع "هل ما زال هنالك نظام في سوريا؟ هل النظام السوري هو الموجود في سوريا أم نظام وصاية إيراني- روسي- أميركي- تركي؟"، مشيراً إلى أنه "في 26 نيسان 2005 أُخرج جيش النظام السوري من لبنان ولن يعود، في 8 آذار 2005، حاولتم إبقاء جيش الأسد في لبنان فكانت 14 آذار وثقُوا الآن بأنّ الساحة ما زالت موجودة، وجماهير 14 آذار، بخلاف ما يُشيعه البعض، ما زالت حاضرة، فلا يُحاولنَّ أحد من جديد".

وأشار جعجع إلى أن "لبنان الذي شرّع أبوابه أمام النازحين السوريين بدافع إنساني وأخلاقي لم يعُد قادراً بعد مرور سبع سنوات على هذا النزوح على تحمّل تبعاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، خصوصاً بعدما بلغت الأزمات الاقتصادية فيه حداً غير مقبول"، لافتاً إلى ان "ظهور بعض المناطق الآمنة في سوريا مؤخراً وبروز بوادر هدنة عسكرية طويلة الأمد، تمهيداً لنضوج الحل السياسي المنشود، بات يُحتم على الحكومة اللبنانية التنسيق مع المجتمع الدولي".

وأفاد أن "هذا التنسيق يكون لإيجاد الطرق الآيلة إلى عودة النازحين السوريين إلى بلداتهم ومدنهم، أو أقلّه انتقالهم إلى المناطق الآمنة، كخطوة متقدمة باتّجاه عودتهم النهائية إلى أماكن سكنهم الأصلية، أما مطالبة البعض بالتنسيق مع نظام الأسد لإعادة النازحين السوريين، فهي دعابة، لكنّها دعابة سمجة تذكرنا بمقولة "وداوني بالتي كانت هي الداءُ"، مشيراً إلى أنه "صحيح أننا منذ انتخاب الرئيس ميشال عون بدأنا نتجه أكثر نحو استعادة المؤسسات الدستورية. صحيح أن حكومة تشكلت برئاسة الرئيس سعد الحريري وأنجزت بعض الملفات، ولكن هل استطعنا استعادة الثّقة؟".

وأكد أنه "لا شكّ في أنّ تركة عهد الوصاية، القديمة منها والجديدة، كبيرة وتحتاج إلى جهد كبير لتنظيف لبنان منها، لكنّ غياب الرؤية وعدم الجدية في بحث ملفات كثيرة، ومَواطن الفساد الكبيرة والكثيرة، على الرغم من الجهود الكبيرة لوزراء "القوات اللبنانية"، تُضيع كل الجهود وتبقينا في الحلقة المُفرغة ذاتها"، مشيراً إلى أن "الدولة اللبنانية تعيش على مستوى إدارتها حالاً من انعدام الوزن والرؤية والمشروع، لقد عقدنا العزم منذ اللحظة الأولى لدخولنا هذه الحكومة على محاولة النهوض بالواقع القائم خصوصاً لناحية إيجاد رؤية وخطة عمل واضحة والتزام تام بالإجراءات القانونية، وتنفيذ جدي وسريع للمشاريع المطلوبة، والقضاء على الفساد والزبانية في الدولة ونجحنا تماماً، وباعتراف الجميع، في الحقائب الوزارية التي ائتمنا عليها، لكننا نعاني كثيراً في ما تبقّى، لقد نجحنا نسبياً في بعض الجوانب، لكنّنا لم نصل بعد إلى ما نصبو إليه، لكننا لن نستسلم بل سنُتابع قُدماً على الرّغم من صعوبة العمل، ولو بخطوات صغيرة وإنجازات متواضعة حتّى الوصول الى الدولة المنشودة".

ولفت إلى أنه "بمقدار ما تشكل ازدواجية السلاح والقرار الاستراتيجي معضلة كبرى للبنان، بالمقدار ذاته يشكل غياب الرؤية وتفشّي الفساد وعدم الجدّيّة في التّعاطي بالشّأن العام معضلةً كبرى ثانية للبنان"، مؤكداً أنه "يمكن للبنان أن يتحمل معضلة كبرى، لكنه بالتأكيد لا يتحمل اثنتين. إنّنا عاقدو العزم على تخليص لبنان من الثانية كما من الأولى، فهلمّوا. هلمّوا جميعاً لكي نستطيع سوياً إنجاز ثورةٍ بيضاء نحن بأمسّ الحاجة اليها".

وأضاف "اننا نشتكي كثيراً، ليل نهار، نشتكي وبحق من كل شيء :من الفراغ السيادي إلى ازدواجية السلاح ومن وضع الطرقات إلى فرص العمل والكهرباء والماء والبنى التحتية والوضع المالي للدولة والفساد"، مشيراً إلى ان "الشكوى والتذمر هما أمر مفهوم ومشروع، لكنهما لا يُطعمان خبزاً ولا يُسقيان ماء".

واعتبر جعجع انه "ما هو غير مفهوم وغير مقبول هو ألّا تترافق هذه الشكوى مع أفعال ملموسة لتغيير الواقع القائم، وكأن اللبنانيين أصبحوا مجرد مشاهدين لعرض مسرحي لا دور لهم فيه سوى التفرج والتّصفيق أو النحيب، بينما الحقيقة هي أنهم المعنيون أّوّلاً وآخراً بكل فصول المشهد السياسي، سواء لجهة الاستمرار في التفرج على أدوار الفساد والاهتراء وانتهاك السيادة من دون تحريك ساكن، أو لجهة إسدال الستارة على ذلك كُلّه".

وتابع "إن التغيير المنشود هو بمتناول أيديكم، وهو رهن إرادتكم وحدكم فقط، وإن السلاح الماضي الذي تمتلكونه، والذي يتفوق على كل الترسانات العسكرية، هو سلاح الاقتراع الكفيل وحده بإحداث ثورة بيضاء تطيح بكل ما تشكون منه"، مشيراً إلى أن "مجتمعاً قدّم عشرات آلآف الشهداء ليس بمجتمع جبان أو خمول أو متخاذل أو رافض للتغيير إنما هو مجتمع متحرك متمرد مسيّس بامتياز، وإن مجتمعاً أشعل شرارة الربيع العربي في العام 2005 ليس بمجتمع رجعي راكد مُتآلف مع الواقع المزري القائم، وإنما مجتمع تغييري إصلاحي سيادي لا يقبل بالرضوخ والذمية السياسية".

وأكد أن "مقولة "كما تكُونون يولى عليكم" لا تسري على الشعب اللبناني، لأنه شعب راقٍ نزيه وشريف ويستحق أن يتولى إدارته مسؤولون من الطينة ذاتها"، مشيراً إلى أن "المطلوب اليوم هو أن يأتي الشعب اللبناني بممثلين عنه يشبهونه في أخلاقياته وعيشه اليومي، ولا يشبهون مجتمعاً آخر يعيش عالمه الخاص ومصالحه الخاصة".

وشدد جعجع على ان "القوات اللبنانيّة" تنشد التغيير وتعمل له انطلاقاً من الانتخابات النيابية المقبلة. ومثلما اختارت وزراء ناجحين منتجين، نظيفي الكف واللسان، فإنها حتماً ستختار مُرشّحيها للانتخابات النّيابيّة من النوعية ذاتها، فهلمّوا وأعدوا طريق التّغيير"، متوجهاً للبنانيين بالقول "إقترعوا لأصحاب الأكُفّ البيض والسّير البيضاء، إقترعوا لأصحاب السياسات العامة وليس لأصحاب الخدمات الشخصية، إقترعوا للأكفّاء وليس لمجرد الأقرباء أو المعارف الشخصية ولو لم يكونوا أكفّاء. إقترعوا للشجعان الذين لا يهابون شيئاً ويقولون للأعور "أعور بعينُو"، لا تقترعوا للذين يتكلمون ليل نهار ولا يفعلون شيئاً، بل للذين يتكلمون قليلاً ويفعلون كثيراً، أنتم جميعاً توّاقون للتغيير ونحن أثبتنا مراراً وتكراراً أننا أرباب التّغيير المنشود، لا تقترعوا للذين لا سياسات واضحة لديهم خصوصاً على المستويات السيادية في الدولة، بعد كل ما عشتموه من تجارب، تعرفون تمام المعرفة من يفعل ماذا. فلا تتأخّروا واقترعوا للذين رأيتموهم بأُم العين يفعلون ما تريدون".

وتوجه للبنانيين بالقول "لا تدعوا هذا الحلم يسقط من أيديكم. لا تتركوا اللامبالاة والشلل والمصالح الضيّقة تنتصر عليكم في صناديق الاقتراع. لتكُن أصواتكم انتصاراً من أجل الحياة. لتكن إعلاناً عن التمسك بلبنان الدولة القوية، الدولة التي تلبّي طموحاتكم وأحلامكم"، مؤكداً أن "القوات اللبنانيّة"، وكما كانت في الحرب تقف في الخطوط الأمامية للدفاع عن الحرية والكرامة والسّيادة، تقفُ اليوم أيضاً في الخطوط الأماميّة للدّفاع عن الدّولة القويّة والمجتمع الصالح والإنسان المُحترم وعن حقوق المواطنين وأمنهم الاقتصادي والاجتماعي".